صناعة القراء: مشروع صغير ذو أثرٍ كبير

يحتفل العالم في يوم 27 يونيو من كل عام باليوم العالمي للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. وبينما تختلف حدود تعريف هذه المشاريع من دولة لأخرى، إلا أنها تترك أثرًا عالميًا كبيرًا باعتبارها من العناصر المؤثرة في اقتصاد الدول ونموها.

فريادة الأعمال دائمًا ما تترك بصمةً في المجتمع الذي تتواجد به، واليوم نتعرف على قصة مشروع صغير كان له بصمة كبيرة في غرس بذور السلام والوعي في ليبيا؛ حيث تحكي "هاجر القذافي" قصتها في إنشاء منظمة "صناعة القرّاء" في ليبيا.

قصة صناعة القراء - بقلم هاجر القذافي  

هاجر القذافي مع كتاب في منظمة صناعة القراء

بدأت القصة وسط الحرب بمدينة بنغازي في عام 2015، توقفت الدراسة والحياة واغٌلقت أغلب الأماكن لفترة طويلة كانت فيها أصوات الرصاص والأحداث المتغيرة هي من يسيطر على حياتنا. 

لحظة توقف الحياة والمستقبل المجهول وضياع الوقت الذي كان من المفترض أن أكمل فيه دراستي الجامعية وخططي السنوية، كان المسيطر الوحيد هو وقت الفراغ الطويل مع تأزم الأوضاع. 

صار دافعي الوحيد هو اللجوء للكتب ومواقع التواصل لتعويض هذا الفراغ والانفصال عن واقع الحرب. 

في ذلك الوقت كنت متابعة لانطلاق "مبادرة تحدي القراءة العربي" بالإمارات عن طريق البث المباشر لفعاليات الختام في التلفاز، حيث شاركت فيه عدد من الدول العربية، وارتفعت فيه أعلام الدول العربية عدا ليبيا لم تكن ضمن هذه الدول.

شعور الألم الذي رافقني في هذه اللحظة كان بمثابة الدافع القوي لانطلاق حلمي في "صناعة قُراء" ليمثل ليبيا في هذه المبادرة والوطن العربي والعالم. كان هذا الحلم كبيرًا جدًا لدرجة لا تتسع لها ظروفي الشخصية ووضع الحرب الذي جعلني مقيدة من كل حلم وليس لديَّ صلاحية التفكير حتى في تحقيق تلك الأحلام.

“وسط دمار الحرب كان لدي إيمان كامل أن القراءة هي المنقذ الوحيد للهروب من تلك الأحداث والظروف”

بدأت في وضع خطة تحدٍ لقراءة 100 كتاب لعام 2015 مع مشاعر مختلطة من القوة والضعف، الإحباط والأمل استمر التحدي في غرفة مغلقة بعيدًا عن أصوات الحرب، أخرج إلى عالم آخر في الكتب تصنعه لي القراءة.

بتاريخ 2015-12-19 أنجزت التحدي رغم كل شيء، نعم أقولها من جديد، بعد معاناة طويلة عشت تفاصيلها بمشاعر مختلطة من الخوف والإحباط والمستقبل المجهول، قلتُ لنفسي إن هذه أعظم تجربة لاستثمار الوقت، وسوف يأتي الوقت الذي ستجني فيه ثمرة هذا الاجتهاد الشخصي بعيدًا عن أنظار العالم، كنتِ لوحدك تشعرين بكل تلك المشاعر.

في ظل شعوري بهذا الإنجاز بدأت في نقل قصتي وتجربتي لكل معارفي وأصدقائي ومن ثم لقائي مع قُراءٍ من خلال عملي في تنظيم معارض الكتب في المكتبات، حيث كان كل معرض كتاب هو بمثابة العيد بالنسبة لي، لأن الكتب هي عالمي الذي وجدت فيه كل ما ينقصني.  

ويبقى الحلم حلمًا ما لم يبدأ بخطوات وأهداف حقيقية، ففي عام 2016 بدأت بخطط جديدة، وفي وضع أفضل نسيبًا بدأت الحياة تعود تدريجًا، كانت بدايتي هي الدخول في دورات تدريبية في كل ما يخص ريادة الأعمال والمشاريع، والاستثمار في نفسي أكثر عن طريق قراءة الكتب وحضور الدورات التدريبية واكتمال فكرة صناعة القُراء في مخيلتي وأهدافي وخططي المستقبلية. 

ختامًا، ممتنة للكتب وللقراءة لأنها صنعت أحلامي وأهدافي وكل إنجازاتي، وفي كل عمل أقوم به حاليًا في صناعة أجيال من القُراء هو انعكاس لتجربتي الشخصية، وحلمي دائمًا هو لقب "سفيرة النوايا الحسنة" لصناعة قُراء وأجيال أكثر استنارةً، وتحديدًا من الفئات المهمشة والضعيفة في كل مكان.

 

عن منظمة صناعة القراء

عن منظمة صناعة القراء: مشروع صغير ذو أثر كبير

بدايةً من عام 2017 انطلقت فكرة مشروع صناعة القراءة في موسمه الأول باستهداف عدد 50 مشتركًا من طلاب المدارس في مدينة بنغازي من فئات عمرية مختلفة، وذلك لتمكينهم من الخوض في تحدي قراءة 30 كتاب، بمتابعة وإرشاد مشرفي ومراقبي المشروع، وتنمية مهارات المشاركين بدورات تدريبية لتطوير مهاراتهم المعرفية حول"الكتابة والتدوين، العرض والإلقاء، اللٌغة العربية والتنمية الذاتية". 

وتأسست منظمة صناعة القُراء الثقافية كمنظمة مجتمع مدني غير هادفة للربح تحت شعار "أينما ذهبت، فليكن الكتاب رفيقك الأول" بعد نجاح فكرة مشروع صناعة القُراء في موسمه الأول والثاني وزيادة الإقبال من قبل الأطفال وطلاب المدارس من فئات عمرية مختلفة.

تُساهم المنظمة في رفع مستوى الوعي المعرفي في المجتمع ونشر ثقافة القراءة والمطالعة بين الأجيال الناشئة عبر تقديم برامج وأنشطة مختلفة تستهدف شرائح المجتمع من الأطفال والناشئين والشباب.

تسعى المنظمة لاحتواء شرائح المجتمع من الأطفال وكذلك المستضعفين والفئات الخاصة كالمكفوفين وذوي الهمم والمصابين بالتوحد والنازحين والمتضررين من الحروب، حيث تساهم القراءة والأنشطة الثقافية في مساعدتهم لبناء ذواتهم وتقوية شخصياتهم لمواجهة تحدياتهم الشخصية.

 

كيف تصنع الفارق

صناعة القراء: أينما ذهبت فليكن الكتاب رفيقك الأول

في النهاية ستثمر ريادة الأعمال ثمار سلام ورخاء اقتصادي، وستساعد على تعزيز التعافي في البلاد والنهوض مرة أخرى بالمجتمع.

ومثلما بدأت هاجر قبل تأسيس مشروعها بحضور الندوات والتدريبات الخاصة بريادة الأعمال، يمكنك الآن التسجيل لحضور فعاليات مبادرة دراية لريادة الأعمال والتي ستمكنك من تعلم أساسيات الريادة وكيفية إنشاء شركة ناشئة ناجحة قادرة على النمو والتأثير في المجتمع.

الأخبار والمقالات الأخرى

هل أنت رائد أعمال طموح في ليبيا تتطلع إلى تحقيق...

منذ انطلاقته في شهر يناير 2024، هدِف مشروع دراية...