قامت مبادرة ممكن باستضافة كُلا من هند البشاري- مديرة و مرشدة للمشروعات و ريادة الاعمال، سالم المعداني- خبير تنفيد و ادارة المشاريع المجتمعية، منى حبيب- مديرة المُنح في صندوق الحماية الثقافي داخل المجلس الثقافي البريطاني للمشاركة في هذه الندوة و لإبدائهم آراهم الشخصية و التجريبية بالخصوص.
تُعتبر المشاركة المجتمعية ركيزة أساسية في تعزيز بيئة ريادة الأعمال، حيث تُساهم في إنشاء مناخ ملائم للإبتكار والنمو. من خلال تفاعل رواد الأعمال مع المجتمع المحلي، يمكنهم استقاء أفكار ورُؤى جديدة تُعزز من تطوير مشاريعهم وتلبي احتياجات السوق. كما تُسهم المشاركة الفعّالة في بناء الثقة والروابط الاجتماعية، مما يُيسر الوصول إلى الموارد والدعم اللاّزمين للنمو.
أما التأثير الاجتماعي لريادة الأعمال، فيظهر من خلال قدرة المبادرات الريادية على إحداث تغييرات إيجابية في المجتمعات. تسعى المشاريع التي تتبنى أهدافًا اجتماعية أو بيئية إلى معالجة التحديات المحلية، مثل الفقر والبطالة، مما يُسهم في تحسين نوعية الحياة وتعزيز التنمية المستدامة. إضافةً إلى ذلك، تُمكّن ريادة الأعمال الاجتماعية من رفع مستوى الوعي حول القضايا المجتمعية والبيئية، مما يُحفز المشاركة الفعالة ويعزز من الوعي العام
بشكل عام، تتكامل المشاركة المجتمعية مع التأثير الاجتماعي في مجال ريادة الأعمال لتوفير دافع قوي نحو الابتكار وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما يُسهم في بناء مجتمعات أكثر ازدهارًا وتماسكًا .ذكر سالم المعداني قائلا"ريادة الأعمال هي خليط بين مبدأ ريادة الاعمال التقليدية و التركيز على حل المشاكل الاجتماعية و تحسين الحياة المعيشية".
* ريادة الأعمال المجتمعية والمسؤولية الاجتماعية في الجنوب الليبي
- الفروق والتحديات:
تُعتبر ريادة الأعمال المجتمعية في الجنوب الليبي مجالًا واعدًا يواجه تحديات كبيرة من ضمنها التمويل و الافتقار الى البنية التحتية الاساسية، ايضا الاوضاع السياسية و الأمنية التي قد تعيق النشاط التجاري .ولكن يمتلك الجنوب أيضًا إمكانيات كبيرة للتطوير بحيث انه يتمتع بموارد طبيعية مثل الأراضي الزراعية و الثروات المعدنية، مما يتيح فرصا كبيرة لقطاعات الزراعة و الصناعة التقليدية و السياحة. يجب على رواد الأعمال تبني ممارسات تساهم في التنمية المستدامة، مثل استخدام الموارد المحلية بشكل فعال وتقليل الأثر البيئي. يُعد إشراك المجتمع المحلي في المشاريع خطوة حيوية، مما يعزز من ثقة السكان ويحفزهم على دعم المبادرات الريادية. يمكن لرواد الأعمال المساهمة في تحسين المهارات والمعرفة من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية، مما يسهم في رفع مستوى الوعي حول ريادة الأعمال. تُمثل ريادة الأعمال المجتمعية في الجنوب الليبي فرصة للتغيير الإيجابي، ومن خلال تعزيز المسؤولية الاجتماعية، يمكن لرواد الأعمال أن يُسهموا في بناء مجتمع أكثر ازدهارًا وتماسكًا.
تُعتبر ايضا ريادة الأعمال المجتمعية والمسؤولية الاجتماعية مفهومان متكاملان، ولكنهما يختلفان في أهدافهما. ريادة الأعمال المجتمعية تركز على إنشاء مشاريع تهدف إلى تحقيق تأثير اجتماعي إيجابي بجانب الربح، حيث تسعى إلى معالجة قضايا مجتمعية محددة مثل الفقر أو التعليم من خلال حلول مبتكرة. في المقابل، تُعبّر المسؤولية الاجتماعية عن التزام رواد الأعمال بالتصرف بطريقة أخلاقية تجاه المجتمع والبيئة، وتتضمن مبادرات تهدف إلى تحسين الأثر الاجتماعي والبيئي للنشاطات التجارية وتعزيز الشفافية. بينما تركز ريادة الأعمال المجتمعية على تحقيق أهداف اجتماعية مباشرة من خلال الأنشطة التجارية، فإن المسؤولية الاجتماعية تهدف إلى تعزيز الأثر الإيجابي للأنشطة التجارية بشكل عام، دون أن تكون هذه الأهداف محور النشاط التجاري ذاته.
اشار سالم المعداني الى بعض النقاط بالخصوص منها "قياس النجاح للمنظمات التقليدية و المؤسسات غالبا ما يكون مرتبط بالربح، اما بالنسبة لقياس نسبة النجاح لريادة الاعمال المجتمعية فهي باختصار تاثير رائد الاعمال شخصيا في القضايا القائمة اجتماعيا و الاعمال الجارية كالمواضيع الاجتماعية او الثقافية".
اضاف ايضا "كذلك من ناحية التمويل غالبا ما يرتكز النظام التقليدي على رجال الاعمال و المستثمرين. بينما في ريادة الاعمال المجتمعية، تعتمد على مصادر تمويل اوسع خاصة لوجود التوجه الدولي.من ضمنها كمثال حي مشروع دراية التي بدورها تركز على الشركات ذات المسؤولية الاجتماعية".
ذكر ايضا" الشركات التقليدية غالبا تستهدف جمهورا واسعا، ولكن الشركات ذات التوجع المجتمعي تركز على المجتمعات المحلية داخل المحيط المحلي بمحاولتها لكسب ثقة الناس من خلال تحملها للمسؤولية المجتمعية بالكامل".
اضافت هند البشاري قائلة ان "ضرورة التمييز بين ريادة الاعمال المجتمعية و بين المسؤولية المجتمعية التي من المفترض ان تلتزم بها كل الشركات سواء في القطاع العام او الخاص . التي يبنى على اساسها منظمات المجتمع المدني و القطاع المدني ف ليبيا.يفترض على كل الشركات ان تلتزم بالمسؤولية المجتمعية تجاه مجتمعها وأن تلتزم ايضا بالميزانيات المطلوبة".
*تحليل التحول المبكر مقابل تحقيق الأرباح الريادية وتأثيره على البحث المجتمعي:
في عالم ريادة الأعمال، يواجه رواد الأعمال خيارين استراتيجيين مهمين: التحول المبكر في نموذج الأعمال أو التركيز على تحقيق الأرباح الريادية أولاً. يتناول هذا التحليل الفوائد والتحديات لكل خيار وتأثيره على البحث المجتمعي.
التحول في مرحلة مبكرة يتيح للشركات التكيف بسرعة مع متغيرات السوق واحتياجات العملاء، مما قد يؤدي إلى تطوير منتجات أو خدمات مبتكرة تلبي احتياجات المجتمع بشكل أفضل. كما أن الشركات التي تركز على التغيير الإيجابي منذ البداية يمكن أن تكتسب سمعة قوية، مما يعزز من ولاء العملاء والمستثمرين. إضافةً إلى ذلك، في مراحل التحول المبكر، يمكن للشركات جمع بيانات قيمة حول سلوك السوق، مما يمكنها من تحسين استراتيجياتها.
من ناحية أخرى، التركيز على تحقيق الأرباح في البداية يمكن أن يوفر استقراراً مالياً، مما يسهل على الشركات توسيع نطاق عملياتها وتطوير مشاريع جديدة. كما أن الشركات التي تظهر أداءً مالياً قوياً تكون أكثر جاذبية للمستثمرين، مما يمكنها من الحصول على تمويل إضافي لدعم التحولات المجتمعية. نجاح الشركة في تحقيق الأرباح يعزز أيضاً من ثقة المجتمع والمستثمرين، مما يسهل عليها تنفيذ مشاريع ذات تأثير اجتماعي أكبر في المستقبل.
الاختيار بين التحول المبكر وتحقيق الأرباح الريادية له تأثيرات ملموسة على البحث المجتمعي. الشركات التي تركز على البحث الاجتماعي في المراحل المبكرة قد تواجه صعوبات في التوسع، لكنها تساهم في تطوير حلول تلبي الاحتياجات المحلية. بينما الشركات التي تحقق أرباحًا قبل الانخراط في تغييرات مجتمعية غالبًا ما تمتلك الموارد اللازمة لإحداث تأثيرات إيجابية، لكنها قد تواجه تحديات في الحفاظ على التوازن بين الربح والمسؤولية الاجتماعية.
ذكر سالم المعداني بخصوص هذا الموضوع "اود ان أقدم نصيحتين لرواد الاعمال اصحاب الشركات الناشئة، اولها: الدخول في موضوع المسؤولية المجتمعية و ضرورة التركيز على قضايا من دافع شغفهم و خبراتهم، و الابتعاد عن القضايا التي لا تحمل لها شغف او خبرة مسبقة لان نسبة الارباح وحدها لن تضمن الاستمرارية.كذلك الدخول في شراكات مع المجتمع المدني او مع شركات اخرى تتمتع بخبرة مسبقة في المسؤولية الاجتماعية، و اخذ الخبرة من الشركاء أصحاب الكفاءة العالية في مجال المسؤولية الاجتماعية".
* التحديات التي تواجه المسؤولية الاجتماعية في الجنوب الليبي:
تواجه المسؤولية الاجتماعية في الجنوب الليبي عدة تحديات تؤثر على قدرتها على تحقيق أهدافها. من أبرز هذه التحديات الأوضاع الأمنية، حيث تعاني بعض مناطق الجنوب من انعدام الأمن والاستقرار، مما يعيق تنفيذ المبادرات الاجتماعية ويزيد من المخاطر المحيطة بالأنشطة الاقتصادية. هذه الظروف تجعل من الصعب على الشركات والمؤسسات الالتزام بمشاريع المسؤولية الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك افتقار ملحوظ للبنية التحتية، بما في ذلك الطرق والمرافق الصحية والتعليمية، مما يعوق القدرة على تطبيق برامج المسؤولية الاجتماعية بفعالية. هذه العوامل تتطلب توفر بيئة مناسبة لتحقيق النجاح في تلك البرامج.
كذلك، تعاني العديد من الشركات من نقص في التمويل، مما يؤثر على قدرتها على تخصيص موارد كافية للمبادرات الاجتماعية، وقد يؤدي ذلك إلى تنفيذ مشاريع محدودة أو غير فعّالة. كما أن غياب الوعي بأهمية المسؤولية الاجتماعية وتأثيرها الإيجابي على المجتمعات يزيد من التحديات، حيث تفتقر بعض الشركات إلى المعرفة حول كيفية تنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية بشكل فعّال.
التحديات الاقتصادية، مثل البطالة ونقص الفرص الاستثمارية، تعيق أيضًا تقدم مشاريع المسؤولية الاجتماعية، حيث تحتاج الشركات إلى تحقيق استقرار اقتصادي قبل الانخراط في مبادرات اجتماعية. أخيرًا، عدم مشاركة المجتمع المحلي في التخطيط والتنفيذ للمشاريع الاجتماعية قد يؤدي إلى ضعف فعالية هذه المشاريع، حيث يجب أن تكون المبادرات متوافقة مع احتياجات المجتمع لتحقيق الأثر المطلوب.
لذلك، يتطلب تعزيز المسؤولية الاجتماعية في الجنوب الليبي التغلب على هذه التحديات من خلال تحسين الأوضاع الأمنية، تطوير البنية التحتية، زيادة الوعي، وتوفير الدعم المالي. من خلال التركيز على هذه الجوانب، يمكن للشركات أن تلعب دوراً أكبر في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة.
ذكرت هند البشاري "تمكين الفئات المهمشة من خلال مشروع مبادرة تعليمية، تدوير النفايات، الزراعة وغيرها من المشاريع. ايضا تمكينهم في المجتمع. كادماج المعاقين والاقليات والنساء. احدى اهداف ريادة الاعمال المجتمعية هي تمكين الفئات المهمشة و ادماجهم في المجتمع. غالبا ما تكون هذه المشاريع مرنة و تمتلك القدرة على مواكبة التغيرات و التكيف معها في المجتمع معتمدة على الابتكار و الابداع في خلق نماذج عمل مبتكرة تخلق قيمة مجتمعية بالاضافة الى خلق ارباح والتوسع في السوق المحلي".
ذكرت ايضا "الفرص لشباب المدن الساحلية افضل من المدن الاخرى.باعتبارهم المدن الرئيسية و التي يتم التركيز عليهم سواء من الدعم المحلي و الحكومي ام دعم المنظمات الدولية.بدات مؤخرا المنظمات الدولية بدورها بالاتجاه نحو الجنوب الليبي و إقامة برامج تدريبية وتأهيلية لرفع قدرات و كفاءة المتدربين".
اضافت منى حبيب قائلة "زادت التحديات نوعا ما، لأن معظم المشاريع من المدن الساحلية و ليس هناك أثر لأي مشاريع من المنطقة الجنوبية .معظم التحديات التي تواجه الجنوب خاصة، عدم استطاعة اخد موافقة لبداية اي مشروع من البلدية . ولكن يجب اخد الموافقة من المجتمع في حد ذاته .يعتبر الجنوب مجتمع قبلي فمن الضروري اخذ موافقة القبائل و من ثم اخذ موافقة البلدية".
*الاثر الاجتماعي و القيمة الاجتماعية:
تُعتبر المشاريع الريادية من العوامل الرئيسية التي تساهم في إحداث تأثيرات اجتماعية إيجابية، حيث تلعب دورًا محوريًا في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات. أولاً، تساهم هذه المشاريع في خلق فرص العمل، مما يسهم في تقليل معدلات البطالة وزيادة مستوى المعيشة. كما توفر فرصًا للتدريب وتطوير المهارات، مما يعزز من كفاءة القوى العاملة ويساهم في رفع جودة الإنتاج.
علاوة على ذلك، تشجع المشاريع الريادية على الابتكار من خلال تطوير حلول جديدة للتحديات المجتمعية، مما ينعكس إيجابيًا على تحسين جودة الحياة. وغالبًا ما تركز هذه المشاريع على تلبية احتياجات المجتمع المحلي، مما يعزز من التماسك الاجتماعي ويعكس القيم المجتمعية.
من ناحية أخرى، تتمثل القيمة الاجتماعية للمشاريع الريادية في عدة أبعاد مهمة. تسهم هذه المشاريع في تحقيق التنمية المستدامة من خلال اعتبار الأبعاد البيئية والاجتماعية في عملياتها، مما يضمن استدامة الموارد للأجيال المقبلة. كما تعزز من الاقتصاد المحلي، حيث تساهم في زيادة النشاط الاقتصادي ورفع مستوى الدخل العام وتحسين جودة الخدمات المُقدمة.
كما تُسهم المشاريع الريادية في زيادة الوعي الاجتماعي بقضايا مثل التعليم والصحة والبيئة، مما يؤدي إلى تغييرات إيجابية في السلوكيات والممارسات المجتمعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تركز هذه المشاريع على توفير الحلول للفئات الضعيفة أو المهمشة، مما يُعزز من وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
ذكرت منى حبيب "لبدء مشروع في الجنوب حدد المنطقة المستهدفة ثم قم بعمل استبيان بسيط لقياس مدى نجاح المشروع فيها، و بناءا على النتائج المتحصلة يتم رسم و تخطيط المشروع بطريقة تُنفد فيه الاستدامة. الاستدامة هي اهم مرحلة لاي مشروع خصوصا في الجنوب الليبي، الاستدامة تعتمد على المجتمع لهذا لاثر المجتمعي مهم جدا".
في الختام، تبرز ريادة الأعمال المجتمعية والمسؤولية الاجتماعية كعناصر حيوية لتحقيق التنمية المستدامة في الجنوب الليبي. رغم التحديات التي تواجه هذه المنطقة، مثل الأوضاع الأمنية والافتقار للبنية التحتية، إلا أن هناك إمكانيات كبيرة يمكن استغلالها من خلال الابتكار والتعاون مع المجتمع المحلي.
تعزيز المشاركة المجتمعية يُسهم في بناء الثقة وتلبية احتياجات السكان، مما يؤدي إلى تحسين نوعية الحياة وتعزيز الروابط الاجتماعية. إن التركيز على تحقيق الأثر الاجتماعي جنبًا إلى جنب مع الأهداف الربحية يمكن أن يخلق بيئة مواتية للنمو والاستدامة بالتالي، من خلال تبني ممارسات مسؤولة واجتذاب الدعم المحلي والدولي، يمكن للمشاريع الريادية أن تكون محركًا للتغيير الإيجابي، مما يُسهم في بناء مجتمع أكثر ازدهارًا وتماسكًا في الجنوب الليبي.