هل الليبيون مستعدون لتقبل ريادة الأعمال كمسار جديد نحو تحقيق النمو الاقتصادي؟ بهذا التساؤل بدأ فريق عمل مبادرة دراية في التقصي عن الواقع الريادي في ليبيا قبل إطلاق مبادرة دراية في مايو 2023.
ومن هنا بدأنا بأولى الخطوات وهي التعرف على مواطني ليبيا واهتماماتهم وآرائهم من أجل تصميم فعاليات وأنشطة ملائمة لاحتياجاتهم الفعلية، فقام فريق دراية من الباحثين بتصميم استمارة استبيان وتوزيعها على الشباب في ليبيا ورواد الأعمال ذوي الطموح الذين يشكلون مستقبل القطاع الخاص في ليبيا وبالتالي يمتلكون في يديهم بذور النمو الاقتصادي.
قدرة البحث عن الفرص وانتهازها
مدى القابلية للمخاطرة وعدم الخوف من الفشل
المهارات الاجتماعية والقيادية
مدى الوعي بريادة الأعمال والدراية الريادية
وتم توزيع استمارة الاستبيان من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني والزيارات الميدانية لجامعات في ليبيا، وأجاب عنها عدد مبهر من الشباب (1,824 مستجيبًا خلال 35 يومًا) من شتى المدن ومن خلفيات تعليمية ومهنية مختلفة. فذلك العدد الثري من المستجيبين أتاح لنا القدرة على فهم التحديات التي تواجه ريادة الأعمال الليبية والفرص التي يمكن استغلالها لتحسين الوضع والقطاعات المتميزة للشعب الليبي.
واعتمد بناء الاستمارة على تصميمها كاختبارٍ للأفراد ليتعرف كل مستجيب على تقييمٍ خاص به يدل على مدى استعداده الشخصي للدخول في بوابة ريادة الأعمال. فتكوَّن الاختبار (استمارة الاستبيان) من 100 درجة، وحصل كل فرد على تقييمه حسب المقياس التالي:
وبشكل خاص فإن محفزات هذه النتيجة العالية بدأت من قدرة المستجيبين العالية لمعرفة الفرص المتاحة (بمتوسط درجات 88%) وهو أعلى محفز للاستعداد الريادي، وتليه الاستعداد للمخاطرة (86%) ووجود المهارات الاجتماعية والقيادية (86%). وأخيرًا الوعي بريادة الأعمال (85%).
ويعتقد الباحثون من فريق دراية أن السبب في هذا الاستعداد العالي بين جميع الفئات قد يكمن في عدم رضا سكان ليبيا عن الظروف الاقتصادية في الدولة أو عن بيئة العمل،
وزيادة على ذلك، فإن سوق العمل في ليبيا يتسم بارتفاع معدل البطالة، حيث بلغ المعدل الرسمي للبطالة %20.7 في عام 2022. كما يعمل أكثر من %85 من العاملين في القطاعات العامة وغير الرسمية.
لذلك، فهناك حاجة إلى بحوث متخصصة للخوض في الأسباب الكامنة وراء ميل المجتمع الليبي نحو ريادة الأعمال بهذا الشغف الملحوظ.
وحين سُئل المجتمع الليبي عن أكثر التحديات التي يواجهها رواد الأعمال في ليبيا، أوضحت الإجابات أكثر التحديات المتكررة في الاختيار، والتحديات الأخرى الأقل تأثيرًا، وبناءً على عدد اختيار كل تحدٍ، تم ترتيب التحديات من الأعلى تأثيرًا إلى الأقل تأثيرًا كالتالي:
1. عدم وجود مصادر تمويل في ليبيا (الأعلى تأثيرًا)
2. الأوضاع الاقتصادية
3. الأوضاع السياسية
4. حالة البنية التحتية في ليبيا
5. تحديات ثقافية
6. غياب مهارات التسويق لدى الشباب
7. مهارات الإدارة المالية لدى الشباب
8. النظام القانوني والتشريعي لتسجيل الأعمال
9. الخوف من توظيف أشخاص غير مناسبين
10. مهارات القيادة لدى الشباب في ليبيا (الأقل تأثيرًا)
وبالنسبة للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين الموجودين في ليبيا، فمن التحديات الرئيسية التي يواجهونها هي النظام القانوني في ليبيا، بالرغم من قلة تأثير هذا التحدي على بقية المواطنين أو النازحين إلا أنه وصل إلى المرتبة الثالثة في أكثر التحديات تأثيرًا للاجئين وبعده عدم توافر مصادر التمويل والأوضاع الاقتصادية،
واختلف ترتيب التحديات بالنسبة للإناث في ليبيا، حيث كانت التحديات الأكثر تأثيرًا على ريادة الأعمال لهن هي كما يلي:
وبالنسبة إلى التقسيم من حيث المدن، فقد تشابهت نتائج طرابلس وبنغازي ودرنه وسبها في التحديات الموجودة بالمرتبة الأولى والثانية وهم عدم توفر مصادر التمويل ونقص المؤسسات المالية، والوضع الاقتصادي، لكن ظهرت الاختلافات بين المدن في المراتب الثالثة والرابعة كما يلي:
بنغازي قد تواجه مآزق تتعلق بالوعي والثقافة الليبية أكثر من بقية المدن، حيث إن التحديات المتعلقة بالوعي والثقافة الليبية احتلت المرتبة الرابعة من حيث عدد المستجيبين.
سبها قد تواجه نقصًا كبيرًا في مهارات الإدارة المالية، حيث جاء ذلك التحدي في المرتبة الثالثة من حيث عدد المستجيبين مقارنة بالمدن الأخرى.
وقد قام المستجيبون باختيار قطاعات متأثرة بالاحتياجات المحلية والفرص المتاحة في السوق والعوامل المحيطة بهم، مثل الاقتصاد المحلي، والتطورات الاجتماعية، والتكنولوجية، والتغييرات في الطلب والعرض. وأظهرت اختياراتهم 7 توجهات لرواد الأعمال المستقبليين لبدء مشاريعهم وشركاتهم الناشئة، وهي كالتالي:
وعن الفروق بين المدن، فقد تشابهت المدن فيما بينها على أول اختيارين (التجارة الإلكترونية والتسويق)، فكان الاختلافات الوحيدة هي بدءًا من المرتبات الثالثة والرابعة كما يلي:
للسكان في طرابلس، فقطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أكثر جاذبية للسكان في طرابلس عن بقية المدن؛ حيث جاءت في المرتبة الثالثة، وكذلك قطاع التصنيع الذي وصل للمرتبة الرابعة.
للسكان في بنغازي ودرنه، أتى قطاع التعليم في المرتبة الثالثة، والتصنيع في المرتبة الرابعة، مما يدل على تفضل السكان في المدينتين لهما.
للسكان في سبها، يعتبر قطاع الزراعة والثروة الحيوانية أكثر جاذبية؛ حيث جاء في المرتبة الرابعة، على عكس المدن الأخرى.
وللإناث بشكل خاص، فإن القطاعات التي يفضلنها بشكل أكبر هي: التعليم في المرتبة الأولى، ومن ثم التجارة الإلكترونية، والتسويق، والصحة وأسلوب الحياة، والتصنيع.
إن نتيجة الاختبار الذي قام به فريق دراية تعتبر مؤشرًا لوجود أرض خصبة في ليبيا لتبني ثقافة ريادة الأعمال، فإن كان الحاضر يغلب عليه طابع الوظائف العامة، لكن عقول المجتمع تثبت أنها مهيئة لغرس بذور المخاطرة والوعي وبناء الشركات الناجحة بابتكار لا مثيل له.
فقد حان الوقت لتعزيز وجود الأفكار والشركات الناشئة، وتوفير فرص التعلم في ريادة الأعمال والتكنولوجيا الحديثة، وتيسير الوصول للتمويل ومصادر الدعم والبرامج التدريبية ومساحات العمل المشتركة بهدف تحقيق النمو الاقتصادي السريع لليبيا.
وفي مبادرة دراية كان التركيز على زرع تلك البذور، فمن خلال الندوات الإلكترونية وفعاليات Startup Weekends في المدن المختلفة وتحديات Hackathons، بدأ الشباب المشاركون يظهرون أولى ثمار الإبداع ويقدمونها للعالم. فالمستقبل في الريادة، وتتجه ليبيا بمواطنيها وساكنيها نحو هذا المستقبل بخطى ثابتة وواعدة.
يمكنك تحميل بحث الاستعداد الريادي الليبي مجانًا وكاملًا من هنا.